إنهالت في الآونة الأخيرة الانتقادات الموجهة لوسائل الإعلام المحلية في نقل الخبر الفلسطيني وكيفية التعامل مع الأحداث سواء السياسية منها أو الاجتماعية. وجميع هذه الانتقادات كانت في مكانها ومحقة. ولكنها لا تعدوا كونها مجرد انتقادات لا تلقى آذاناً صاغية. لأنه لا يوجد رقيب على وسائل الإعلام المحلية لا من الناحية التقنية ولا من الناحية المهنية.
صحيح أن هناك قانون إعلام، وصحيح أن هناك نقابة صحافيين، وصحيح أن هناك هيئة حكومية إعلامية، أو مجلس إعلامي حكومي لكن جميع هذه المؤسسات لا تقوم بالدور المنوط بها من محاسبة المذنب ومراقبة عمل وسائل الإعلام لكي توصل الحقيقة، والحقيقة فقط. ولذا لا بد من تفعيل دور نقابة الصحفيين لوضع معايير العمل الصحفي ووضع قانون يحكم العمل الصحفي الفلسطيني، خاصة وأن الكثير من وسائل الإعلام الفلسطينية لا تلتزم بأهم القيم الأخلاقية لمهنة المتاعب ولا تراعي أهم خصائصها وهي ذكر مصدر الخبر والتحلي بالشفافية. فمعظم وسائل الإعلام، إن لم يكن جميعها “تسرق” وأقصد ما أقول هنا، نعم تسرق المعلومة دون ذكر المصدر ودون التحقق من مصداقية ما تنقل. وهذا يعود لعدم وجود رقيب وحسيب. ولو طرحنا هذا الموضوع على وسائل الإعلام المحلية، لوجدنا من المبررات لهذه السرقة ما يكفي لكتابة مجلد.
نعم وسائل الإعلام الفلسطينية تعيش حالة من التخبط وعدم المسؤولية. وتسمح لنفسها فعل كل شيء مقابل نشر المعلومة (بغض النظر عن مصداقيتها) والحالات التي تدل على تخبط وسائل الإعلام لا تعد ولا تحصى، تحت ذريعة “مهو الكل بعمل هيك“. للأسف حتى أننا أصبحنا نسمع هذه المبررات من بعض مدرسي الإعلام، تحت مبرر أن وسائل الإعلام الفلسطينية لا تستطيع الاشتراك في وكالات الأنباء العالمية….
بل وصل الأمر في كثير من مواقع الأخبار الفلسطينية إلى نسب الأخبار العالمية لها، على اعتبار أن لهذه المواقع مراسلين في جميع أنحاء العالم. كيف يا ترى وهم لا يستطيعون توفير مراسلين في المدن الفلسطينية؟ أضف إى ذلك نشر الصور، وأحياناً بعد تغيير حجمها لتتوافق وطبيعة الموقع، دون العلم بأن ذلك يمس بحق الملكية الفكرية.
لقد وضع الإعلام الفلسطيني لنفسه قوانين خارجة عن القانون، وأعطى لنفسه الحق بالقيام بكل ما متاح (وليس مباح) على اعتبار أن كل شيء ممكن ويمكن الاستفادة منه. وهذا يعود لعدم وجود مسؤولية ومحاسبة لوسائل الإعلام أولاً والصحفيين ثانيا. ومن هنا لا بد من وضع آلية عمل للصحافة في فلسطين ومحاسبة كل من يخالف أخلاق المهنة الصحفية. مع العلم أن وسائل التقنية الحديثة تتيح لنا وخلال ثوان معرفة ما إذا كان الخبر مسروقاً أو محرفاً أو أنه جاء بالفعل من المراسل.